فضل المحافظة على الصلوات من القرآن
أيها الناس! اتقوا ربكم الذي سوف يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88-89] وسوف يحاسبكم على أعمالكم، وأول ما يحاسب عليه العبد الصلاة, فحافظوا على الصلاة يا عباد الله, وأدوها كما أمركم الله, وصلوا الصلاة في أوقاتها, بخشوع وخضوع وتذلل وحضور قلبٍ وطمأنينة, امتثالاً لأمر الله القائل جل وعلا حيث مدح المؤمنين الذين يقيمون الصلاة بخشوع وطمأنينة وحضور قلب, ويقومون بما أمرهم الله من شرعه القويم مثل إيتاء الزكاة والصيام والحج وغيرها من الأعمال الصالحة, قال الله تعالى: وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً [النساء:162] ومن يعلم قدر هذا الأجر؟ لا يعلمه إلا الله جل وعلا, ثم قال سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [هود:114] ثم قال جل وعلا: وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً وَيَدْرَأُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:22-24].
هكذا يا عباد الله! يجزى عباد الله الذين أطاعوا الله، وصبروا على طاعته في الرخاء والشدة, ثم قال الله تعالى يمدحهم: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2] إلى أن قال: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ [المؤمنون:9] ماذا يجزيهم الله رب العزة والجلال: أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:10-11] وقال أيضاً يعدهم بكرامة أخرى: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ [المعارج:34-35] ثم قال جل وعلا يبين أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45].
هكذا يا عباد الله! الترغيب في كتاب الله أصدق القائلين وأرحم الراحمين, يعد بهذا الثواب العظيم, وهو الفردوس في جنات النعيم, وهو أعلى منزلٌ في الجنة {إذا سألتم الله فاسألوا الفردوس فإنه أعلى منزلة في الجنة, وأوسط الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة } هذا المنزل لمن أقام الصلاة, وفي إقامة الصلاة ثواب عظيم فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر.
فضل المحافظة على الصلوات من السنة
عباد الله! اسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً يبين لنا فضل إقامة الصلاة: عن أبي هريرة رضي الله عنه: {أن أعرابياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! دلني على عملٍ إذا عملته دخلت الجنة؟ قال: تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤتي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان، قال الأعرابي: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا } فلما ولّى من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى: {من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا }رواه البخاري ومسلم .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل الصلوات الخمس: {أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء, قال: وكذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا } الصلوات الخمس التي هي عمود الإسلام, ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:{الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر } رواه مسلم .
فهل من قلب حاضر يعي؟ هل من أذن تسمع يا عباد الله؟ اسمعوا إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة وذلك الدهر كله } رواه مسلم .
وعن عمارة بن رؤيبة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {لن يلج النار أحد صلّى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها -أي: الفجر والعصر- }رواه مسلم , وقال صلى الله عليه وسلم: {من صلّى الصبح فهو ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه الله على وجهه في نار جهنم } رواه مسلم .
صلاة الفجر يا عباد الله: {من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء؛ فإنه من يطلبه من ذمته بشيء؛ يدركه ثم يكبه الله على وجهه في نار جهنم }.
يتبع